responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 439
لا يسلمون نزول القرآن منا وحيا وإلهاما بل يكذبونك يا أكمل الرسل في نسبتك انزاله إلينا تكذيبا شديدا بل يَقُولُونَ لك ما هو الا مفتر بل إِنَّما يُعَلِّمُهُ هذا بَشَرٌ اى عبد رومي او رجل آخر من العجم او رجال أخر على ما قالوا وكيف يقولون وينسبون أولئك المعاندون المكابرون هذا إليك والى كتابك مع ان الشأن والأمر لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ اى يميلون وينسبون إِلَيْهِ هكذا عنادا ومكابرة أَعْجَمِيٌّ مغلق غير بين وأنت عرب لا تفهم لغتهم قط وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ فصيح مُبِينٌ ظاهر واضح بليغ في أعلى مراتب البلاغة بحيث قد عجزت عن معارضته مصاقع الخطباء مع وفور معارضتهم وتحديهم ومع ظهور اعجازه واعتراف الكل بانه معجز لم يقبلوا حقيته ولم يصدقوا انه كلام الله
وبالجملة إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ الدالة على وحدة ذاته وكمالات أوصافه وأسمائه قد طبع الله على قلوبهم وختمها بحيث لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ المضل المذل الى حقية كتابه ورسوله الذي انزل اليه بل وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ في النشأة الاولى والاخرى
ثم قلب سبحانه ما افتروا برسول الله وإعادة عليهم فقال إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ على الله بنسبة كلامه الى غيره الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ولا يصدقون بِآياتِ اللَّهِ الدالة على كمال توحيده وَأُولئِكَ المفترون المسرفون هُمُ الْكاذِبُونَ المقصورون على الكذب والافتراء وكمال المراء من شدة قساوتهم وخباثة بواطنهم
وبالجملة مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ المستحق للايمان والعبودية سيما قد ارتد مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ اى من بعد ما قد آمن له العياذ بالله فقد استحق المقت والغضب الإلهي إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ على الكفر وهدد بالقتل وانواع العقوبات حين العجز فأجرى كلمة الكفر على لسانه وَلكن قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ متمكن فيه راسخ في الاتصال غير متزلزل بلا مطابقة ولا موافقة بلسانه فهو باق على إيمانه فلا غضب عليه ولا عذاب بل له الأجر الجزيل والجزاء الجميل إذ العبرة في الايمان والكفر انما هي بالقلب إذ هما فعلان له اصالة وَلكِنْ من المغضوبين الملعونين مَنْ شَرَحَ وملأ بِالْكُفْرِ صَدْراً اعتقادا ورضا مستحسنا له مستطيبا إياه فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وقهر نازل مِنَ اللَّهِ المنتقم الغيور وَلَهُمْ في النشأة الاخرى عَذابٌ عَظِيمٌ لعظم جرمهم الذي هو ارتدادهم العياذ بالله
وما ذلِكَ اى تحسينهم الكفر واستطابتهم به الا بِأَنَّهُمُ قد اسْتَحَبُّوا واستطابوا الْحَياةَ الدُّنْيا اى الحيوة الصورية المستعارة الزائلة عَلَى حيوة الْآخِرَةِ التي هي الحيوة المعنوية الحقيقية السرمدية التي لا زوال لها أصلا وَايضا بسبب أَنَّ اللَّهَ المطلع على استعدادات عباده لا يَهْدِي الى الايمان والتوحيد ولا يوفق على جادة المعرفة واليقين الْقَوْمَ الْكافِرِينَ المجبولين على الكفر والعناد بحسب اصل فطرتهم واستعدادهم
وبالجملة أُولئِكَ المجبولون على الكفر والعناد هم الَّذِينَ قد طَبَعَ اللَّهُ المنتقم الغيور وختم عَلى قُلُوبِهِمْ بحيث لا يفهمون ولا يتفطنون بسرائر الايمان والتوحيد أصلا ولا يتلذذون بلذاتها مطلقا لغلظ حجبهم وكثافتها وَقد طبع ايضا على سَمْعِهِمْ الى حيث لا يسمعون ولا يقبلون دلائل التوحيد واماراتها من ارباب الكشف واليقين وَعلى أَبْصارِهِمْ ايضا الى حيث لا ينظرون نظر عبرة وبصارة نحو المظاهر والآثار المترتبة على الأوصاف الذاتية الإلهية وَبالجملة أُولئِكَ البعداء المطرودون عن ساحة عز الحضور هُمُ الْغافِلُونَ المقصورون على الغفلة المؤبدة والنسيان التائهون في تيه الضلال والطغيان
لا جَرَمَ أَنَّهُمْ بسبب طردهم

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 439
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست